فاطمة المعصومة عليها السلام سميّة الزهراء
جرح الأحبّة فاغر ما التاما يفري ولا ندري له إيلاما
نار الصبابة لا تُحرّق عاشقاً و تكون برداً فوقه و سلاما
أنا طائر فوق الجبال مقسّمٌ إرباً، فمن ذا يجمع الأقساما
لم يمض عصر المعجزات، فعاودي عهد الوصال و جدّدي الأياما
بعثي و نشري من يديك، و جنّتي عيناكِ، طابا للمحبّ مُقاما
ركب الفواطم ما يزال مسافراً مَرْوّ يريد، و روضة، و إماما
يمضي، فلا الأيام تقطع سيره و يزيده طول النوي إقداما
و عليه من ألق النبوة مسحةٌ أضفت عليه المجد و الإعظاما
و من الحسين بقية لدمائه صَبغت بحمرة لونها الأعلاما
يا أيها الحادي حداؤك هدّني لما ذكرتَ الأهل و الأرحاما
عرّج علي قمٍّ، فإنّ لنا بها قبراً علي كلّ القبور تسامي
شهد الحوادث منذ أول عهده و من الحوادث ما يكون جساما
ظهرت به للعالمين خوارقٌ تسبي العقول و تُدهش الأفهاما
حُطوا الرّحال، فإنّ للثّاوي به عهداً يصان و حرمة و ذماما
يا قبر فاطمةٍ بقمَّ تحيةً من مدنف - يا قبرها - و سلاما
طاب الضريح و ضاع من شبّاكه أرج النبوة يغمر الاكاما
و اصطفّت الأملاك في ظّلل الحمي زُمراً تسبح سُجّداً و قياما
و أتي الحجيج من الفجاج قوافلاً تسعي إليه و قد نوت إحراما
حرم أتاه الخائفون فأُبدلوا أمناً، و نال الطالبون مراما
عشّ لآل محمد يهفو له أهل الوداد محبةً و غراما
يا بنت موسي، و المناقب جمّةٌ لا يستطيع بها الوري إلماما
أخت الرضا، إني أتيتكِ ناشراً صحفاً تفيض خطيئةً و أثاما
يا عمة الجوّاد، كفكِ و الندي و أنا ببابك أسأل الإنعاما
أنا زائر يرجو الشفاعة، فاشفعي ليَ في الجنان، فقد قصدت كراما
أنا قادم من مصرَ أنزف حُرقةً أخفي الشقاء و أكتم الآلاما
ودّعت زينبَ غير ناسٍ فضلها و هي العقيلة كم رعت أيتاما
و هي التي في الطف كم أبدت حجيّ تحت السيوف و سفّهت أحلاما
و معي من السبط الشهيد شواهدٌ علقتها فوق الصدور وساما
لي بالحسين و بالعقلية لحُمةٌ كانت لنفسي في الخطوب عصاما
شقّت ليّ الدرب العسير، و بدّدت في النازلات حُلوكةً و ظلاما
فمضيت أُبدع للولاء قصيدةً و أوقّع الألحان و الأنغاما
و أقيم للدين القويم دعائما و أحطم الأوثان و الأصناما
و مع الحسين أقود أعتي ثورة كانت لسلطان الطغاة ضراما
و أري الرعية - رغم ذل - ذروةً و أري الملوك أمامها أقزاما
و أري العقيدة عزةً و كرامةً و أري الكفور معرة و رَغاما
و أري التثاقل يوم نَفْر ردَّةً و أري الجهاد تزكّياً و صياما
و أري الإمامة بيعةً مفروضةً و أري الخلاقة فلتةً و حراما
و أري كهوف البائسين عمائراً و أري قصور المالكين حطاما
سأقيم في مصرَ العتيدة قلعةً و أزيل - رغم رسوخها - الأهراما
النيل لن يدع الحسين مجدّلاً عطشان يشكو الصدّ و الاحجاما
كلا، و لن يدع الدعيَّ لغيّة يسبي و يحرق حرمةً و خياما
يا بنت موسي إنّ في قمَّ التي ضمتك عزّاً شامخاً و سناما
من قمَّ يبتدي ء الكلام و بعدها تغدوا الحروف أسنة و سهاما
و يسجل التاريخ بالدم صفحةً حمراء تقطر نهضة و قياما
خسأت فراعنة الزمان، و كم هوي عرش لنرفع فوقه الإسلاما!(1)
پاورقي
1) فاطمة المعصومة عليها السلام، قبس من أشعة الزهراعليها السلام، صص 209 - 213.
الشيخ عبدالمجيد محمد